مرحلة الاستكشاف عند الطفل
لونك المفضل
الألوان

منتدى شملت والنيه اربد



كلمات دليلية:

مرحلة الاستكشاف عند الطفل Emptyمرحلة الاستكشاف عند الطفل

avatar
شملت والنيه اربد
المدير العام

المدير العام
 نُشر في الإثنين 7 مارس 2011 - 4:34

مرحلة الاستكشاف عند الطفل


تتخذ ظاهرة الاستكشاف لدى الطفل أهميَّة بالغة بعد السنة الأولى ، إذ
يشرع في مواجهة مواقف وأشخاص جُدُد يؤثِّرون في تجاربه التعلُّمية الأولى
من مختلف النواحي ، ومهما يكن من أمر فالاستكشاف يرتبط بظاهرة أخرى ، ألا
وهي التضاؤل التدريجي لتعلُّق الطفل بأمِّه ، ويزداد التعلق الخاص بأشخاص
معينين بصورة فورية بعد بروز هذه الحاجة لديه ، ويتناقص عنده التعلق بأشخاص
معينين مع مرور الزمن .
وذلك على نقيض القدرات الأخرى التي يتعلمها الطفل ، والتي تتزايد مع
تقدُّمه في السن ، إذ يصبح الطفل مع الزمن قادراً بصورة متزايدة على تصور
أمِّه ، ويتخذ من شكلها وسلوكها وجه مقارنة في تجاربه الجديدة ، ولا يعود
وجودها ضرورياً له ، فيشرع الطفل بالابتعاد عنها بصورة تلقائية ، ويزداد
هذا الابتعاد بصورة تدريجية .
وفي هذه المرحلة ينبغي للأم أن تضطلع بأصعب دور لها ، فالأم هي التي
يتوجب عليها - وإن بدا ذلك متناقضاً مع طبيعتها - أن تدفع طفلها إلى
الانفصال عنها ، حتى يكتسب معرفة بالعالم الخارجي ، ولربما بدا ذلك سهلاً
في بادئ الأمر ، ولكن التجربة أثبتت أن الأم هي التي تحول دون تحرر طفلها ،
وربما كان ذلك دون قصد منها .
والحق أنّ عملية الانفصال عن الطفل أمر صعب دائماً ، وإن كانت مقرونة بمراقبة الأم لطفلها ولتصرفاته ونموه عن كثب .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وفي الشهور الأولى من حياة الطفل توفر الأم له الحوافز اللازمة الملائمة
لسنِّه ، وواقع الأمر أن مواقف المجازفة والمغامرة التي يقفها الطفل تعتمد
بصورة مبدئية على علاقته بشخص راشد ، يدفعه أو يحفزه تقريباً على الإفادة
من جميع الفرص المتوافرة في البيئة التي يعيش فيها .
وبعد شهور معدودات ، وإذ يشرع الطفل في إبداء قدرته على التصور ، فإنه
يستطيع أن يشعر وحده بدوافع جديدة ، كما يستطيع كذلك أن يبدأ في استكشاف
بيئته ، وفي أثناء السنة الأولى من حياة الطفل يرتبط أمنه النفسي وسعادته
كل منهما بالآخر ارتباطاً وثيقاً ، والحقيقة أنه من غير المحتمل أن يتوقَّع
من الطفل أن يبدأ بمواجهة بيئته إذا لم يطمئن إلى وجود أمِّه .
وجدير بالذكر أن على الأم أن توقظ في نفس طفلها المحاولات الأولى لديه ،
وأن تحافظ على هذه المحاولات ، فغياب الأم يؤدِّي إلى كَبح مبادرات الطفل
ومحاولاته الأولى ، وفضلاً عن ذلك ، فإن المغامرات التي يباشرها الطفل
تختلف باختلاف الشعور بالثقة الذي تمكنت الأم من غرسه في نفسه .
وتتمثل أهمية العلاقة بين الأم وطفلها في الحماسة ، والمشاركة والدوافع ،
والمقترحات التي يبديها الطفل بمساعدة أمّه ، فالأمّ المُثلى توفِّر
لطفلها بيئات جديدة ، وألعاب وألواناً ، وأجواءً نفسية ومشاعر ، أجل إنَّها
توفر له كل ما يشجعه ويشغل وقته بصورة كاملة في آن واحد .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
وينبغي للأم - فضلاً عن تأسيس علاقة المشاركة هذه في عملية الاستكشاف
التي يباشرها الطفل والموافقة عليها - أن تنشئ لطفلها - ولا سيَّما في
البيت - عالماً مادياً يثير فضوله ، وهو عالم مهم جداً بالنسبة إلى طفل في
السنة الأولى من العمر ، فينبغي لها مثلاً أن تملأ حجرة طفلها بعديد من
الأشياء الصغيرة ، والتماثيل والألعاب الجذَّابة ، التي يسهل على الطفل
استعمالها ، وتثير فيه شغفاً بالاستكشاف اللَّمسي والمرئي .
ومن جهة أخرى ينبغي كذلك عدم الاستخفاف بحاسة السمع لدى الطفل ، بل يجب تنبيهها ببضعة أجراس أو أصوات عذبة .
ثم إن نمو قدرات جسمية جديدة لدى الطفل يبرز حاجة الطفل إلى الحرية من
أجل مواجهته الواقع الخارجي الذي يجذبه ، وهي حاجة جديدة مُلحَّة ، وفي هذا
المجال ينبغي للأم ألا تفرط في تقديم المساعدة لطفلها ، إذ يكفي أن ترشده
إلى مرحلة الاستكشاف من دون أن تتتبع أعماله خطوة بعد خطوة .
أما إذا أثقل الأبوان على طفلهما بحضورهما الدائم ، وتقديم اقتراحاتهما
وحمايتهما التي كان الطفل بحاجة إليها في بادئ الأمر ، فذلك يثير في الطفل
عصبية وأثراً معاكساً ، فيوحي إليه بأنه قد فقد الحرية التي كان يحسب أنه
قد أكتسبها ، وعلى هذا النحو يشعر الطفل بشيء من الاضطهاد من جانب أبويه ،
وينتهي به الأمر إلى صراع دائم بين حقوقه أو التضحية بإرادته وشخصيته في
سبيل رغبات الآخرين ، وذلك بقبوله تدخلاتهم المستمرة في شؤونه .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
والحقيقة أن النشاط الذي ينبغي للطفل ممارسته وحده من دون تدخل من
الآخرين هو استكشاف بيئته ، ومن هنا فإن الطفل الذي تلقى تدريباً حسناً
وطمأنة من أمِّه يثق بقدرته ، ويرغب في إثبات ذلك ، ولكن الأمر ليس كذلك
فيما يتعلق بالأنشطة الاجتماعية التي يمارسها الطفل ، والتي تتصل باكتشاف
أناس آخرين .
فالطفل يشعر بالحاجة إلى شخص مألوف قريب منه ، يستطيع أن يساعده في مجال
يتعرَّض فيه لكثير من المآزق العاطفية ، وعلى هذا نقتصر على أمرين مختلفين
، يحتاجهما الطفل خلال السنة الثانية من عمره :
أوَّلهما : رغبته في استكشاف عالمه الجديد بنفسه ، وثانيهما : حاجته إلى
جماعة حوله ، نتيجة شعوره العميق بعدم الأمن ، وحقيقة الأمر أن الطفل لا
يشرع فقط في استكشاف العالم الخارجي ، بل يحاول كذلك السيطرة على جسمه
وإمكاناته الباطنة ، ولهذا السبب فإن كل ما اعتاد الطفل لا يكفيه بعد بلوغه
الشهر السابع أو الثامن ، وتصبح حظيرته النقالة التي كان يلعب فيها ضيِّقة
.
كما تغدو الدمى التي كان يقضى أيّاماً كاملة في النظر إليها واللعب بها
غير ممتعة بالنسبة إليه ، وفي الحقيقة يشرع الطفل في التماس الحرية للتحرك
في أرجاء البيت ، ومن الطبيعي أن يمنح الطفل هذه الحرية وتحت إشراف أمه ،
لمدة ساعات معدودات كل يوم ، ولكن لا ينبغي للأم منحه الحرِّية الكاملة ،
فوضعه الجسمي لا يساعده على السيطرة على حركاته ، فقد يوقعه في مواقف مغيظة
خطرة عليه وعلى الأشياء المحيطة به .
ومن الجدير بالذكر أن منح الحرية للطفل بصورة مفرطة ربما كان له أثر
سلبي في شخصيته ، فقد يدفعه ذلك إلى الوحدة ، ويوقع الكآبة في نفسه ،
ويشعره بهجر الناس له ، وربما كان الحل الأمثل الوسط بين حجز الطفل في
الحظيرة النقالة ومنحه الحرية المطلقة هو إنشاء ركن كبير في حجرته ، يقضي
فيه أوقاته ، أو في أي مكان تقضي فيه الأم عادة معظم وقتها .
وينبغي أن يكون هذا الركن حافلاً بالأشياء الممتعة غير المؤذية ، وينبغي
للأم كذلك إبعاد الأشياء الحادة عنه ، فربما أصابت عينيه بالأذى ، أو ربما
ارتطم رأسه بها ، ولعلّ من المستحسن أن تضع الأم سجادة أو بطانية تحميه من
السقوط المباشر على الأرض الباردة ، وتخفف من وطأة سقوطه عليها ، ومن
العوامل المهمة الأخرى أيضاً هو توفير دعائم للطفل ، تسهل حركاته الأولى .
ومن الجدير بالذكر أن الحياة العصرية والبيوت الحديثة أصبح إنشاؤها
يعتمد على المنطق بصورة متزايدة ، كما أصبحت محدودة المساحة ، فالضِّيق
النسبي في الأمكنة المكشوفة - كالحدائق والحقول التي يستطيع الطفل التحرك
فيها بحرية واستقلال منذ السنة الأولى من عمره فصاعداً - تحدُّ في الواقع
من الاكتشافات والتجارب التي كانت مألوفة في السابق .
وهكذا فقد أصبح الطفل في العصر الحديث ضحية لمقتضيات البيئة والمجتمع
الراهن ، ولذلك كان واجب الأم حماية طفلها قدر ما تستطيع ، وبذل كل ما
يمكنها لإنشاء مكان خاص به يستطيع أن يطوّر فيه استقلاله وينمّي الثقة في
نفسه وفي قدراته .
remove_circleمواضيع مماثلة

اعلانات نصية