القرآن الكريم من التدبر إلى التأثر
لونك المفضل
الألوان

منتدى شملت والنيه اربد



كلمات دليلية:

القرآن الكريم من التدبر إلى التأثر Emptyالقرآن الكريم من التدبر إلى التأثر

دموع السراب
دموع السراب
 نُشر في الجمعة 17 فبراير 2012 - 19:53

القرآن الكريم من التدبر إلى التأثر


القرآن
الكريم نور البصائر، وهدايةالعقول، وطمأنينة القلوب، وشفاء النفوس، ولكي
يحقق القرآن في الأفرادآثاره، ويؤتي في الأمة ثماره، فإنه لابد من أمرين
أساسين، حسن الفهم له،وقوة اليقين به .



أولاً: حسن الفهم


قال
ابن تيمية :"حاجة الأمة ماسة إلى فهمالقرآن " ، والفهم الصائب أساس العمل
الصالح، وإذا لم يتحقق حسن الفهمفإنه لا مناص من أمرين : الحيرة والاضطراب
وعدم العمل، أو العمل على أساسمنحرف أو مختل لا يوصل إلى الغاية المنشودة
والنهاية المحمودة.



الطريق إلى حسن الفهم :


لكي نصل إلى حسن الفهم فلنأخذ بهذه الخطوات :


أ- حسن الصلة :


كيف يفهم القرآن من يهجره ولا يقرؤه ؟، وأنّى لمن ترك تلاوته والاستماع إليه أن يفقهه ؟ ومن هنا لا بد من :


* كثرة التلاوة : وهو أمر رباني قال تعالى: { إِنَّمَاأُمِرْتُ
أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَاوَلَهُ كُلُّ
شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
* وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ } [ النمل:91-92] .



* تجويد التلاوة : بمعرفة الأداء الصحيح بالتلقي والمشافهة لأن النبي صلى اله عليه وسلم قال: ( الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة ).


* حسن التلاوة :وفي ذلك قوله تعالى:{ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } [ المزمل:4]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ليس منا من لم يتغن بالقرآن ).


* الإنصات للتلاوة:وقد قال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [ الأعراف:204].


* التأني في التلاوة: وقد ورد في حديث ابن مسعود رضي الله عنه : " لا تهذوا القرآن هذاً كهذّ الشعر، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة " .


* حسن التدبر:والمراد بالتدبر تفهّم المعاني وتدبر المقاصد ليحصل الاتعاظ ويقع العمل،وهو أمر مهم جعله الله مقصداً أساسياً لنـزول القرآن فقال: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } [ صّ:29 ] ، ومدح الحق جل وعلا من تدبر وانتفع، فذكر من صفات عباد الرحمن :{وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً } [ الفرقان:73]، وذم الله عز وجل من ترك التدبر فقال: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } [ محمد:24]، والتدبر من النصح لكتاب الله الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي سياق بيان معنى النصح لكتاب الله عدّ النووي التدبر من ضمنه فقال:" والوقوف مع أحكامه وتفهم علومه وأمثاله ".


وحسن
الصلة معين على التدبر، فهذا ابنكثير يقول في الترتيل :" المطلوب شرعاً
إنما هو تحسين الصوت الباعث علىتدبر القرآن وتفهمه"، والنووي يقول:"
الترتيل مستحب للتدبر وغيره"، فمنأدام الصلة بالقرآن تلاوة وتجويداً
وتحسيناً تيسر له الانتفاع بالقرآنتدبراً وتفكراً ، قال ابن باز عن قارئ
القرآن :" ينبغي له أن لا يتعجل،وأن يطمئن في قراءته، وأن يرتل ...المشروع
للمؤمن أن يعتني بالقرآن ويجتهدفي إحسان قراءته، وتدبر القرآن والعناية
بالمعاني ولا يعجل"، والعكس صحيحفالقراءة السريعة بعيدة كل البعد عن التدبر
كما قال القرطبي :" لا يصحالتدبر مع الهذّ".



والاستماع
الواعي له أعظم الأثر فيالتدبر والتأثر، وقد كان الفاروق رضي الله عنه
يقول لأبي موسى الشعري رضيالله عنه :" يا أبا موسى ذكرنا ربنا، فيقرأ وهم
يسمعون ويبكون ".



وهذا أعظم تأثيراً في القلب كما قال ابن القيم :" فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن والتدبر".


وقد جمع الأمران (حسن الصلة وحسن التدبر) في حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما اجتمع قوم يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ) .
ثانياً : قوة اليقين :


لابد
من الاعتقاد الجازم بكل ما فيالقرآن من الأخبار والحقائق، وبسلامة وكمال
ما فيه من الأحكام والشرائع،وصدق ما فيه من الوعد والوعيد، والتسليم بما
فيه من الحِكم والسنن، وذلككله بيقين راسخ يقتنع به العقل، ويطمئن به القلب
في سائر الأماكنوالأزمان، وفي كل الظروف والأحوال.



وأبرز ما ينبغي الإيمان واليقين به كبريات الحقائق المتصلة بالقرآن ومنها :


أ- الكمال المطلق :


اليقين
بأن ما في القرآن من العقائدوالشرائع والأحكام والآداب هو الكمال الذي لا
نقص فيه، وهو الذي تتحقق بهالسعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة، وهو الذي
يلبي الاحتياجات، ويحلالمشكلات، ويعالج المستجدات، فالله جل وعلا قال:{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً } [ المائدة:3]، وفي كل ميدان ومجال نجد القرآن يقدم الأكمل والأمثل والأفضل : { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } [ الإسراء:9].



ب- الشمول التام :


فاليقين
لا بد أن يكون جازماً بأن القرآنشامل شمولاً عاماً، فهو بالنسبة للفرد
يخاطب عقله وروحه وجوارحه، وهو لايقتصر على العناية بشأن الآخرة دون شأن
الدنيا، ولا ينحصر في شعائرالعبادة دون تنظيم شؤون المعاملات، وإحكام نظام
القضاء والمرافعات، وأسسالسياسة وقواعد الاجتماع إلى جميع شؤون الحياة، كما
قال تعالى:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ } [ النحل:89]، وقال جل وعلا: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْء } [ الأنعام: 38].



ج- السنن الماضية :


واليقين
بأن ما في القرآن من السننالإلهية التي فيها ذكر أسباب القوة والضعف،
والنهوض والسقوط ، والصلاحوالفساد أنها كما أخبر الله بها لا تتغير ولا
نتبدل: {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً }[ فاطر:43]، وهذه السنن هي المنطلقات الأساسية في معرفة الأحداث وتحليل النتائج كما في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ } [ يونس:81]، وقوله :{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } [ الرعد:11].



وإذا وجد حسن الفهم، وقوة اليقين تحققت البداية الصحيحة للانطلاقة الإيجابية لتغيير واقع الأمة وتربية نشئها وصناعة أجيالها .


والمتأمل
في عموم أحوال المسلمين يستطيعأن يقول : إن من أعظم أسباب الزيغ في الفكر،
والقسوة في القلب، والانحراففي السلوك، وعدم التأثر بالقرآن، لضعف أو
انعدام الصلة به، ولعدم أو سوءالفهم له، ولقلة أو ضعف اليقين به، ولقد كان
القرآن في حياة الأمة قلبهاالنابض، ولسانها الناطق، وحُكمها القاطع،
ومرجعها الدائم، كان دوّيه يترددفي محاريب المساجد في الصلاة، وعلى صهوات
الجياد في الجهاد، وكان حفظهوفهمه والعمل به هو جوهر الإسلام وحقيقته، ومن
ثم تعلق به الصحابة حتى قالابن مسعود:" ما من آية في كتاب الله إلا وأنا
أعلم أين نزلت، وفيمن نزلت،ومتى نزلت، وهل نزلت بليل أو نهار أو بسفر أو
حضر، ولو كنت أعلمُ أحداًأعلمُ مني بكتاب الله تضرب إليه أكباد الإبل لرحلت
إليه"، فها هي الصلةوطيدة بكل شيء متعلق به، أما العلم والعمل فها هو عبد
الرحمن السلمييخبرنا فيقول :" كان الذين يقرؤوننا من أصحاب رسول الله صلى
الله عليهوسلم لا يتجاوزون بنا العشر من الآيات حتى نعرف ما فيها من العلم
والعملفتعلمنا العلم والعمل معاً " .



نعم
تلك هو جيلالقرآن جيل التلقي للتأثر، جيل العلم والعمل، جيل الدعوة
والتعليم،والصحوة والدعوة لن يتم لها مرادها ولن تبلغ مقاصدها وهي بعيدة عن
منبعالهدى، فهل من صلة دائمة ؟ وهل عودة صادقة ؟ وهل من معرفة واعية ؟ لا
مناصمن ذلك إن أردنا الخير والفلاح .



د. علي بن عمر بادحدح

القرآن الكريم من التدبر إلى التأثر Emptyرد: القرآن الكريم من التدبر إلى التأثر

avatar
ABDO ELBASS
 نُشر في الجمعة 24 فبراير 2012 - 23:49

جزاكى الله كل خير
فى انتظار جديدك
remove_circleمواضيع مماثلة

اعلانات نصية