نُشر في الإثنين 21 نوفمبر 2011 - 1:31
مدخل الى تاريخ تطور الكتابة العربية في الاسلام
اهمية الكتابة في الاسلام :
اشرق نور الاسلام بدعوة الحبيب المصطفى وبدد دياجير الشرك والظلم والتفرق والتمزق والنعرات فاصبح العرب بنعمة هذا الدين اخوانا ، وكان رسول الهدى صلوات الله وسلامه عليه يعد المسلمين لمواصلة الدور القيادي والريادي الذي اراده الله سبحانه وتعالى لهذه الامة التي هي خير امة اخرجت للناس ، وكما اشرق نور الاسلام في هذه الجوانب الهامة اشرق كذلك ليبدد ظلام الامية والجهل اللذين كانا سائدين .
001- العرب والكتابة ابان مبعث رسول الله :
عرف قليلون من العرب الكتابة قبل الاسلام وكان ذلك ارهاصا لمبعث محمد صلى الله عليه وسلم وتمهيدا لتسجيل الوحي المنزل عليه . غير ان العرب في مجموعهم
كانوا امة امية ، كما وصفهم القرآن الكريم :
{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (الجمعة آية 2) ( 1 )
قال الطبري في تفسيره : يقول تعالى ذكره: الله الذي بعث في الأميين رسولاً منهم، فقوله هو كناية من اسم الله ، والأميون: هم العرب. وقد بيَّنا فيما مضى المعنى الذي من أجله قيل للأميّ أميّ. وبنحو الذي قلنا في الأميين في هذا الموضع قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، قال: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ قال: العرب. (2)
وقال القرطبي في تفسيره : قال ابن عباس: الأميون العرب كلهم، من كتب منهم ومن لم يكتب، لأنهم لم يكونوا أهل كتاب. وقيل : الأميون الذين لا يكتبون. وكذلك كانت قريش. ( 3 )
وقال الرازي في تفسيره: الأمي منسوب إلى أمة العرب، لما أنهم أمة أميون لا كتاب لهم، ولا يقرأون كتاباً ولا يكتبون. وقال ابن عباس: يريد الذين ليس لهم كتاب ولا نبي بعث فيهم، وقيل: الأميون الذين هم على ما خلقوا عليه وقد مر بيانه، وقرىء الأمين بحذف ياء النسب، كما قال تعالى: {رسولاً منهم} (المؤمنون: 32) يعني محمداً صلى الله عليه وسلم نسبه من نسبهم، وهو من جنسهم، كما قال تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} (التوبة: 128) . ( 4 )
002- اول سورة في القرآن ترفع من مكان القرائة والتعلم :
لما اشرق نور الاسلام بدد ظلام الامية واعلى من شان الكتابة ورفع مكانة التعلم والقراءة ، ولا ا دل على ذلك من من ان اول سورة نزلت امرت بالقراءة واشادت بالقلم اداة الكتابة قال تعالى : أقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ أقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَم} ( العلق : آية 1-5) ( 5 ) .
قال الطبري في تفسيره : وقوله: اقْرأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ يقول: اقرأ يا محمد وربك الأكرم الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ : خَلْقَه الكتاب والخط ، كما:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة اقْرأْ باسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ قرأ حتى بلغ عَلَّمَ بِالقَلَمِ قال: القلم: نعمة من الله عظيمة، لولا ذلك لم يقم، ولم يصلح عيش. ( 6 )
وقال القرطبي : هذه السورة أوّل ما نزل من القرآن؛ في قول معظم المفسرين. نزل بها جبريل على النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو قائم على حِراء، فعلمه خمسَ آيات من هذه السورة. ( 7 )
ويقول ابن كثير : وأن من كرمه تعالى أن علم الإنسان مالم يعلم، فشرفه وكرمه بالعلم وهو القدر الذي امتاز به أبو البشرية آدم على الملائكة، والعلم تارة يكون في الأذهان، وتارة يكون في اللسان، وتارة يكون في الكتابة بالبنان ذهني ولفظي ورسمي والرسمي يستلزمهما من غير عكس، فلهذا قال: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ لاْكْرَمُ * الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَـنَ * مالَمْ يَعْلَمْ } وفي الأثر: قيدوا العلم بالكتابة، وفيه أيضاً: من عمل بما علم رزقه الله علم مالم يكن يعلم. ( 8 )
ويقول الرازي : أما قوله تعالى: {اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم} ففيه مسائل:
المسألة الأولى : قال بعضهم : اقرأ أولاً لنفسك، والثاني للتبليغ أو الأول للتعلم من جبريل والثاني للتعليم . أو اقرأ في صلاتك، والثاني خارج صلاتك.
الى ان قال : المسألة الخامسة: في قوله: {علم بالقلم} وجهان أحدهما: أن المراد من القلم الكتابة التي تعرف بها الأمور الغائبة، وجعل القلم كناية عنها والثاني: أن المراد علم الإنسان الكتاب بالقلم وكلا القولين متقارب، إذ المراد التنبيه على فضيلة الكتابة، يروى أن سليمان عليه السلام سأل عفريتاً عن الكلام، فقال: ريح لا يبقى، قال: فما قيده، قال: الكتابة، فالقلم صياد يصيد العلوم يبكي ويضحك، بركوعه تسجد الأنام، وبحركته تبقى العلوم على مر الليالي والأيام ( 9 )
واذن فهذه اول أيات نزلت على سيدنا محمد الرسول الامين صلى الله عليه وسلم تنبئه بالرسالة وتحمله مسئوليتها ، تصدع اول كلماتها بالقراءة وهي مفتاح التعليم ، وتنطق آياتها بتعليم الله عز وجل لعباده ما لم يعلموا ، وتذكر القلم وسيلة الكتابة وحفظ العلم ونقله ، وآلة التعبير عما يجول في الخواطر ( 10 )
003 – المولى جل جلاله يقسم بالقلم :
وتنزل السورة الثانية تقرع الاسماع بحرف من حروف الهجاء ، ويقسم فيها المولى سبحانه بالقلم تنبيها الى ماكانته ، وما يخطه القلم اجلالا وتشريفا للكتابة {ن واَلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} ( 11)
قال القرطبي : «وَالْقَلَمِ» أقسم بالقلم لما فيه من البيان كاللسان ؛ وهو واقع على كل قلم مما يَكتب به مَن في السماء ومَن في الأرض؛ ومنه قول أبي الفتح البُسْتيّ:
إذا أقسم الأبطال يوماً بسيفهم = وعَدُّوه مما يكسِبُ المجدَ والكَرَمْ
كَفَى قلم الكُتَّابِ عزًّا ورفعةً = مَدَى الدهرِ أن الله أقسم بالقلْم
وللشعراء في تفضيل القلم على السيف أبيات كثيرة؛ ما ذكرناه أعلاها. وقال ابن عباس: هذا قسم بالقلم الذي خلقه الله؛ فأمره فجرى بكتابة جميع ما هو كائن إلى يوم القيامة ( 12 )
وقال ابن كثير : وقوله تعالى: {وَالْقَلَمِ } الظاهر أنه جنس القلم الذي يكتب به كقوله: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الاْكْرَمُ * الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَـنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } فهو قسم منه تعالى وتنبيه لخلقه على ما أنعم به عليهم من تعليم الكتابة التي بها تنال العلوم، ولهذا قال: {وَمَا يَسْطُرُونَ } ( 13 )
وقال الرازي : والقول الثاني: وهو أيضاً مروي عن ابن عباس واختيار الضحاك والحسن وقتادة أن النون هو الدواة، ومنه قول الشاعر:
ألقت النون بالدمع السجوم = إذا ما الشوق يرجع بي إليهم
فيكون هذا قسماً بالدواة والقلم ، فإن المنفعة بهما بسبب الكتابة عظيمة ، فإن التفاهم تارة يحصل بالنطق و(تارة) يتحرى بالكتابة ( 14) .
وفي تفسير الالوسي عن ترتيب نزول سورة القلم : سـورة القلـم هي من أوائل ما نزل من القرآن بمكة فقد نزلت على ما روى عن ابن عباس اقرأ باسم ربك ثم هذه ثم المزمل ثم المدثر وفي «البحر» أنها مكية بلا خلاف فيها بين أهل التأويل وفي الاتقان استثنى منها أنا بلوناهم إلى يعملون ومن فاصبر إلى الصالحين فإنه مدني حكاه السخاوي . ( 15 )
يتبع