رصيد الذهب
|
تاريخ اخر تحديث : 02:12 04/06/2011
اربد - السوسنة
غصت الشوارع بالمصلين بعد
ان ضاقت بهم ساحات المسجد وإحدى المضايف الجاوره وجنبات الطريق في مشهد
مهيب لتوديع المعلم محمد عزام القبلان الذي تزوج منذ خمسة شهور بعد واحد
وثلاثين عاما من الكد والتعب , تلقى تعليمه في دولة العراق الشقيق وفي
السنة الثالثة لدراسته كان العدوان الغاشم على العراق فعاد من جديد لإكمال
تعليمه باذلا أقصى طاقاته .
محمد من عشيرة القبلان من قرية المغير
من قرى غرب اربد , تعين في ملاك وزارة التربية و التعليم حيث جاء تعيينه في
محافظة الكرك وفي مديرية الاغوار الجنوبية , ليبدأ رحلة العناء من جديد ,
يوم الخميس هو يوم فرحة لذلك المعلم وزملائه , إنه اليوم الذي سيعودون فيه
الى اهليهم بعد اغتراب يدوم طيلة اسبوع , يفتتحه المعلم بالسفر باكرا يوم
الاحد مع الفجر, او بالسفر ليلا كل يوم سبت . , اليوم هو الخميس الموافق
(2/6/2011) ينطلق المعلم محمد مع مجموعة من زملائه باتجاه الاهل في قرية
المغير , وعلى الطريق تتعرض سيارتهم لحادث أليم , إصابات بالغة للجميع ,
ووفاة الاستاذ محمد , الاتصالات تجري لنقل المصابين من هنا وهناك , لكن
الهواتف مغلقة , يتم نقل المصابين الى مستشفى الاغوار , او مايطلق عليه
بمستشفى , حيث لا تجهيزات ولا متخصصين , اطباء المستشفى يجمعون بأن
المصابين لن يستفيدوا من البقاء حيث لا تجهيزات والحل هو النقل الفوري الى
اي مستشفى مجهز , تفلح الاتصالات اخيرا بعد مناشدة اطلقها الرواشدة رئيس
اللجنة الوطنية لاحياء نقابة المعلمين لتصل الى الديوان الملكي ليتم إصدار
امر فوري بتحريك طائرة عمودية لنقل المصابين , ليتم بالفعل نقلهم الى
المدينة الطبية , أحد الموجودين على ارض الحادث عبر عن الاستهجان
والاستنكار حيث قال بان الدماء كانت تسيل من آذان المصابين ومن وجوههم ,
والذباب والحشرات تلدغهم وهم ينتظرون تلكؤ أصحاب القرار للقيام بإسعافهم ,
احد المطلعين قال بأنه عندما تم الاتصال بالوزارة لطلب الاسراع بالانقاذ ,
قامت الوزارة بطلب تصوير سجلات الدوام للتاكد من ان المعلم قد غادر الدوام
بشكل قانوني , وعندما قمنا بسؤال رئيس قسم الرقابة والتفتيش في مديرية
الاغوار الجنوبية (الاستاذ محمد العكام) قال : لا الصورة لم تكن بهذا
الشكل.. , نقل عن بعض المسؤولين في الوزارة أن الوزارة لم تتلكأ في نقل
المصابين وأن الوزير هو من امر بارسال الطائرة العمودية , المعلمون شككوا
بهذا القول وبينوا أن الفترة الطويلة بين الحادث وبين نقل المصابين تثبت
بأن الاتصالات مع وزارة التربية لم تجدي نفعا وان الطائرة جاءت بأمر ملكي .
في
بلدة المغير الصغيرة , احتشد الالاف لتشييع شهيد الواجب المعلم محمد
القبلان حيث غصت الشوارع والساحات في جنازة لم يسبق لها مثيل , أما على
المستوى الرسمي فلم تكن هناك مشاركة واضحة لوزارة التربية والتعليم , فقد
حضرت السيدة مديرة تربية الاغوار الجنوبية يرافقها المدير الفني والاداري
ورئيس قسم الرقابة والتفتيش في تلك المديرية كممثلين عن انفسهم وليس عن
الوزارة.
اللجنة الوطنية لإحياء نقابة المعلمين تواجدت لوداع
الزميل المعلم وقدمت إكليلين من الورد حيث حضرت لجنة الكرك ولجنة اربد
ولجان اربد الاولى والثانية والثالثة ولجنة الرمثا , والد المعلم القبلان
طلب من الاستاذ مصطفى الرواشدة ان يتم تسمية إحدى الصالات في نقابة
المعلمين المزمع احياؤها بإسم الاستاذ محمد القبلان , أجمع الحاضرون من
المعلمين على قراءة الفاتحة ودقيقة صمت على روح المعلم القبلان أثناء
الطابور الصباحي وفي جميع مدارس المملكة في صباح يوم الاحد القادم , كما
قامت لجنة معلمي لواء الرمثا بإقتراح تسمية يوم الخميس الموافق (2/6/2011)
وهو وقت الحادث بـ : ( يوم المعلم الاردني ) تخليدا لذكرى القبلان وتبيانيا
لجهد المعلم في زرع الخير في جميع ارجاء الوطن, وقد استحسن الجميع هذا
الاقتراح كما أشار الحاضرون الى أنه لابد من بناء منظومة إدارية لتنظيم
دوام المعلمين الذين يعملون في مناطق بعيدة عن مناطق سكناهم من حيث طبيعة
الدوام حضوراً ومغادرةً , ومن حيث تخصيص حافلات حديثة لنقلهم ومزايا اخرى
تتناسب مع حجم جهدهم .