وثاني الفتاوى
من 'عقيدتي'، وقد صدرت عن الشيخ عادل أبو العباس عضو لجنة الفتوى بالأزهر،
وكانت عن الرأي في توزيع مشيخة الأزهر مكافآت بآلاف الجنيهات على عدد من
ضباط مباحث أمن الدولة، فقال عن موقف الإسلام منها: 'كما حافظ على المال
العام فجعل وضعه في غيرموضعه من أكبر الكبائر وأخطر الآفات وكل وكيل على
هذا المال إنما هو خادم في الدولة لا يحق له أن يتصرف فيه إلا من خلال
الوجوه المشروعة، لأنه ليس ماله ولا مال أبيه، وقد دلل على حرمة أخذ المال
بغير حق قول النبي صلى الله عليه وسلم للموظف الذي ابتعثه لجمع الزكاة لما
قال للرسول هذا الكم وهذا أهدى إلي فقال النبي صلى الله عليه وسلم 'فهلا
قعد في بيت أمه أو بيت أبيه فينظر أيهدي إليه أم لا' ورجل 'أمن الدولة' أو
غيرها موظف في الدولة له راتبه الذي يتقاضاه في مقابل عمله وعندما يقوم بعض
المسؤولين في الهيئات الحكومية بمنحهم أموالا ليست من حقهم انما هو نوع من
العبث بالمال العام.
كما ان الحرمة تقع على المعطي بوصفه أمينا على
أموال الدولة والأخذ يرتكب جريمة بموافقته على أخذ هذه الأموال لأنها لم
تعط له إلا عن طريق نفاق المعطي وتزلفه إلى من يعمل في هذا الجهاز المسمى
بأمن الدولة والذي يناط به أصلا الحفاظ على المال العام. وقد قال الله
تعالى 'ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى الحكام' ومع أن
الآية تتحدث عن رشوة القضاة إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما
قال علماء التفسير ومن هنا فإنها تنطبق على كل آكل للمال العام بدءا من رأس
النظام وانتهاء بأصغر عامل في دولة الإسلام وهذا المال المسلوب ينبغي أن
يعود إلى الدولة سواء كان عقاراً أو مالا نقديا لأنه ملك للشعب كله والحديث
واضح، فالحرام بين والحلال بين والعودة الى الصواب خير من التمادي في
الباطل'.
وظهرت آثار الفتوى على الفور على بعض ضباط أمن الدولة، وهو ما
عرفناه بالصدفة البحتة من زميلنا الرسام مصطفى الشيخ يوم الأربعاء، في
'الوفد'، عن قرار حل جهاز مباحث أمن الدولة، ففي عيادة نفسية كان ضابط أمن
دولة يبكي ويصيح: - ماليش دعوة، هاتولي مواطن اكهربه، عاوز حد انفخه.