الجذور التاريخية للشعوبية
لونك المفضل
الألوان

منتدى شملت والنيه اربد



كلمات دليلية:

الجذور التاريخية للشعوبية Emptyالجذور التاريخية للشعوبية

ahlam
ahlam
vip
vip
 نُشر في الثلاثاء 14 ديسمبر 2010 - 3:54

الدعوة الشعوبية هي واحدة من فصائل مخطط المؤامرة على الإسلام، وقد عمدت الشعوبية إلى مهاجمة العرب حملة لواء الإسلام وأصحاب الدولة الإسلامية في تاريخهم وأسلوب حياتهم، ومهاجمة التاريخ الإسلامي واللغة العربية، والطعن في أصول القيم الإسلامية وجذورها، كذلك عمدت الشعوبية إلى إذاعة المجون والشراب والمجاهدة بالخلاعة والانحراف الجنسي، واعتبرت ذلك نوعًا من التحرر والظرف..
وهذا ما نجده اليوم يتكرر بظهور الشعوبية الحديثة التي تطعن في العرب ومقوماتهم وعقيدتهم، وتحمل لواء الإباحية والإلحاد، وتستخف بالقيم الأخلاقية في بناء الأسرة والمجتمعات، ومن ثم تأتي أهمية كتاب الدكتور عبد العزيز الدوري «الجذور التاريخية للشعوبية» والذي يتناول جذور الشعوبية منذ نشأتها وتطورها، والدكتور الدوري مؤرخ معروف، ومن أشهر مؤلفاته: العصر العباسي الأول، مقدمة في تاريخ صدر الإسلام، بحث في نشأة علم التاريخ عند العرب، كما كتب عن بغداد في دائرة المعارف الإسلامية، يقول الدكتور الدوري: إن الشعوبية حركة شاملة وجدت أنصارها إذ وجدت دعاتها وهي حركة يتضح فيها العداء للعروبة حينًا وللإسلام حينًا، وترى جهدها في كل حقل لإضعاف الإسلام الذي حمل العرب رسالته قبل غيرهم، وتتميز بنبرة عنصرية، وبالعودة إلى إحياء التراث القديم قبل الإسلام للشعوب الأخرى، في حين أن حملة الراية العربية الإسلامية أنكروا كل نظرة عنصرية.
ويذكر الدكتور الدوري في مقدمة كتابه أن حاضر الأمة نتاج سيرها التاريخي وبداية طريقها إلى المستقبل، ولذا فلا انقطاع في التاريخ، ولا ظاهرة تبدو فيه دون جذور وتمهيد، ويضيف قائلاً: لكل هذا نريد إلقاء نظرة علمية نقدية على جذور الشعوبية في المجتمع العربي، ولا حاجة بنا إلى وصف الشعوبية المعاصرة، بل يكفينا أن نفهم الجذور فهمًا عامًّا سريعًا يرسم الخطوط، ويكشف الخيوط، وكلنا ثقة بأن الروح العلمية خير سبيل لفهم الذات ولمعرفة النفس، ومن عرف نفسه وعى تجربته وأدرك طريقه، ويبدأ الكتاب بالحديث عن بذور الحركة الشعوبية، ثم عن البيئة والعامة للشعوبية وبداياتها وتطورها ورجالها ومخططها الفكري، ويرى الدكتور الدوري أن المنطقة التي نشطت فيها الشعوبية نشاطًا خاصًّا هي العراق وإيران والأندلس، ويرجع الدوري السبب في نشاطها هذا إلى أن الإسلام قد قضى في هذه البلاد على حضارات كانت قائمة، فعزَّ على شعوب هذه المناطق خضوعها للعرب، وارتفعت أصوات تدعوا إلى نبذ التراث العربي والاستهانة بالثقافة العربية الإسلامية.
ويبين الدكتور الدوري أن هذه الحركة الشعوبية قد بدأت في العصر الأموي مستترة بستار إسلامي، فقد دعت إلى مساواة الموالي بالعرب، واستندت في دعوتها إلى القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد ساعد الشعوبيين في دعوتهم هذه أن بعض الأحزاب السياسية العربية قد نادت بوجوب تحقيق المساواة التي جاء بها الإسلام، كالخوارج مثلاً، ومثل هذه المطالبة تبدو معقولة لو كانت بعيدة عن الهوى، ولكن الدكتور الدوري يبين بجلاء أن هذه الدعوة إلى المساواة لم تكن إلا ستارًا يخفي وراءه كراهية العرب، كما يورد الشواهد التي تدحض مزاعم القائلين بانعدام المساواة.
ويرى الدوري أن أول من كشفوا عن شعوبيتهم في العصر الأموي الشاعر إسماعيل بن يسار، رغم محاولته التستر وتقربه من العرب؛ إذ نراه حتى في هذه الفترة من التاريخ العربي الإسلامي، كما أن هناك فئة من الشعوبيين ظهرت في أواخر العصر الأموي، وشهدت انتصار العباسيين، وكانت تتهم بالزندقة والتهتك والخلاعة، وقد عملت هذه الفئة على تشويه التراث العربي والعقيدة الإسلامية عن طريق الوضع، ومن أشهر رجالات هذه الفئة: حمّاد الراوية، وحماد عجرد، وحماد بن الزبرقان.
ويرى الدكتور الدوري أن ابن المقفع كان شعوبيًّا زنديقًا، ولكنه كان أكثر تسترًا وأعمق غورًا ويورد أمثلة على شعوبيته، كما يبين أن العصر العباسي شهد ألوانًا من الشعوبيين، فهناك العامة وهم جل هذه الفئة، وهناك دهاقين الفرس من أمثال آل برمك وبني سهل وطاهر بن الحسين والأفشين، وهناك الحركات الدينية الإيرانية كالخرمية والمانوية والزرادشتية وغيرها، وهناك الشعوبيون من الأدباء والكتّاب، وهَمّ هذه الفئة جميعًا هو الدعوة إلى إزالة السلطان العربي وإحياء مجد الفرس ومحاربة الإسلام والعودة إلى المجوسية، وقد انتشرت هذه الحركات الشعوبية في إيران في المناطق التي تكثر فيها الجماعات غير المسلمة، وهي مناطق واقعة على الأطراف مثل خراسان وأذربيجان وما وراء النهر.
ويرى الدكتور الدوري أن الشعوبيين ركزوا هجومهم بادئ ذي بدء على العرب قبل الإسلام، فهاجموهم في أسلوب حياتهم وفصاحتهم وأساليب قتالهم وأنسابهم وعلاقاتهم الاجتماعية وكرمهم ومروءتهم ومقاييسهم الخلقية، وقد يظن المرء أنهم تعففوا عن تهجمهم على العرب في ظل الإسلام تقديرًا منهم لدورهم الحضاري فيه، ولكن الصحيح أن سكوتهم هذا إنما كان خوفًا من سطوة السلطان والمتدينين، ولكن التستر لم يطل، فامتد هجومهم إلى فترات التاريخ الإسلامي وشوّهوا هذه التاريخ، وقد نصّل الدوري هذا الدور الذي لعبوه في كتابه "مقدمة في تاريخ صدر الإسلام".
ويذكر الدكتور الدوري أنه أمام هذا التحدي الصارخ هب العرب للذود عن تراثهم وقيمهم فنشطوا في العناية بجمع الشعر فكان من ذلك مفضليات الضّبي، وحماسة أبي تمام، وحماسة البحتري، وأكدوا على الاتصال الثقافي عند العرب ليبرزوا الاستمرار والوحدة في الثقافة العربية، وذلك عن طريق جمع الآثار العربية الأدبية قبل الإسلام، وهذا الاتجاه واضح في آثار الجاحظ وابن قتيبة.
وكتاب الدكتور الدوري يتميز بدقة علمية، فليس هناك من رأي مستنتج إلا وله سند من التاريخ، وفيه أيضًا المادة التاريخية والآراء أكثر مما يوحي به عدد صفحاته ، وينتهي كتاب الدكتور الدوري بنظرة شاملة إلى الموضوع ويختتمه بعبارات تبين غايته من تأليفه، فيقول: وكثير من صفحات الماضي تبدو حية بتجارب الحاضر، كما أن تجارب الحاضر تتجلى اتجاهاتها بدراسة الماضي، (فأمّا الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض).
remove_circleمواضيع مماثلة

اعلانات نصية