نُشر في الأربعاء 12 مايو 2010 - 0:19
"قل لي من تصادق أقل لك من أنت" ، مقولة اصبحت رديفا ملاصقا للصداقة ، وبما ان "الصداقة" ضرورة بشرية ، اختلف عليها اشخاص من حيث إنها إختيار ام صدفة ، والتساؤل الذي يتفق عليه الجميع هل بات العثور عليها في ايامنا هذه ضربا من الخيال ، ام إن المصالح من تحكمها سواء المادية منها ام المعنوية ، وهل تخضع الصداقات الى اسس تقوم عليها وتمتاز بحقوق وواجبات لتعود بفوائد إيجابية على الاصدقاء ، بالاضافة الى المؤثرات والظروف المحيطة بها وعلاقتها بتكوينها ومتانتها.
التأثر بالصديق
مفتي العاصمة الدكتور محمد الخلايلة رأى أن المسلم يتأثر بصديقه ، والإسلام يقدس الصداقة :وعليه فالمؤمن يتخذ الأصدقاء بما لايعارض الشرع الحنيف ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال"الرجل على دين خليله ، فلينظر احدكم من يخالل" ، والإسلام حث المسلم على اختيار الصديق الصالح الذي يؤثر في دينه ، وينصحه ويحثه على فعل الخير ، والنبي صلوات الله عليه شبه الأصدقاء بحامل المسك الذي تفوح منه الرائحة الزكية لتطغى على الآخرين ، اما اصدقاء السوء فشبههم بنافخ الكير الذي يجرك الى فعل معصية ما.. تخالف بها الشرع الحنيف.
واضاف"إن اختيار الصديق يجب ان يقوم على اسس دينية كأن يكون الصديق ملتزما دينيا واخلاقيا ، وان التكنولوجيا الحديثة كوسيلة علمية للصداقة كالمراسلة الإلكترونية وما شابهها ، تحمل شقين في الصداقة فمنها صداقة تقوم لاستفادة مشروعة ، وهي من ايدها الإسلام واخرى تنشأ بين طرفين او اكثر إلا انها تقوم على محظورات شرعية كإقامة علاقات محرمة شرعا. علاقات اجتماعية
مدير جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان قال "إن الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته لذا فهو بحاجة إلى العلاقة مع الآخرين ومن العلاقات الاجتماعية تكوين الصداقات وتكوين الصداقات يكون في جميع المراحل العمرية وبغض النظر عن طبيعة العمل أو المستوى الاجتماعي ، معرفا الصداقة بأنها مأخوذة من الصدق ، وهي علاقة بين شخصين يريد كل منهما الخير للآخر ويجد كل منهما الارتياح عند الآخر ويتبادلان المشاعر ، وانها قد تكون بين أفراد أو مجموعات أو شعوب أو دول أو مدن..
واضاف"ان الصداقة حاجة ضرورية للإنسان لأن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بلا أصدقاء والصديق ملاذ يلجأ إليه الإنسان وقت الشدة والصداقة تحتاج إلى عطاء وبذل ، وانه يجب اختيار أصدقائه بعناية بالغة وأن يتم المحافظة عليها ، وسنده بأهمية الصداقة قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل" ، وقوله صلى الله عليه وسلم أيضاً"يُحشر المرء مع من أحب".
اختيار
واكد أن الصداقة اختيار ولا يجوز أن تترك للصدفة ، حتى لا يندم الإنسان على صداقاته بعد فوات الأوان ، لأن الصديق رفيق للشخص في الدنيا ، . وخير الأصدقاء من يكون رفيقاً أيضاً في الآخرة. وأساس الصداقة هو الحب في الله وليس المصلحة. الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "أحبكم في الله الذين يألفون ويُؤلفون..
وقال إن الصداقة لها حقوق ومنها: الإيثار ومساعدة الصديق وكتمان السر وستر العيوب والدفاع عن الصديق في غيابه بالحق ، والعفو عن زلاته وتقديم النصيحة له والتخفيف عنه عند مصابه ، وان أقوى الصداقات التي تستمر بعد وفاة أحد الصديقين ، حيث يُكثر الآخر من الدعاء له ، وذكره بالخير ويديم التواصل مع أسرته وأبنائه ، وانه لاشك بأن للصداقة فوائد كثيرة كالمساعدة والتشجيع وتقديم النصيحة وتقويم الأخطاء وتبادل الخبرات والمعارف وتقديم العون والمساعدة.
منى ابو عمر من منتدى الرواد الكبار بينت ان الصديق الصالح كالمرآة التي تعكس العيوب التي اقترفها بالاضافة الى عكس المحاسن في التصرفات مع الاخرين ، معتبرة ان الصديق اهم واعلى شأنا من الاخ الشقيق.واضافت ان واجبات الصديق على صديقه متعددة منها ان يتحمل الصديقان بعضهما البعض في حديثهما الصريح و وان يتفاعل ويتبادل الاحساس بمشاعر صديقه دون مواربة ، رافضة فكرة ان تقوم الصداقة على اختيار دون سواه ، بل ان تعرفك على الاخرين وبناء على المعرفة التراكمية معهم يقودك الى تحديد من هو الصديق من عدمه ، مبينة ان التكنولوجيا الحديثة عملت على توسيع قاعدة الصداقة ، وانها يجب ان لاتتجرد من معانيها الحقيقية لأنها تصب في خانة المصالح الشخصية المادية او المعنوية. حالة اجتماعية
وقال نائب مدير مكتب هيئة الاغاثة الاماراتية في عمان محمد رشيد الرشيد إن الصداقة حالة اجتماعية وتواصل إنساني وحاجة نفسية ، نشأت مع بداية خلق الإنسان وهي مستمرة إلى يوم القيامة ، بل وفي الحياة الآخرة في الجنة.
وتأتي الصداقة كإحدى العلاقات الإنسانية المهمة بعد صلة القربى والرحم ، بل تتقدم الصداقة في بعض الأحيان عليها عندما يشوب علاقة القربى بعض المنغصات والعقبات.
والصديق الصدوق أمين السر والمستشار الخاص لصديقه ، يفتح له قلبه ويبث إليه همومه ويعينه على حل المشكلات وتجاوز العقبات ، يستنير برأيه ويقتبس من فكره ويستفيد من خبرته.
وعندما لا تكون العلاقة بين الأبناء والأبوين في سياقها الصحيح ، أو بين الزوجين في شكلها الطبيعي يتحول الأبناء والأزواج إلى الحلقة التالية من العلاقات الإنسانية ، إلى القريب أو الصديق حيث يجد ضالته في البوح والتنفيس وطلب العون والمساعدة بكل صورها.
واضاف "ولما كانت الصداقة حاجة إنسانية وعلاقة لا غنى عنها بين طرفين ، كان لزاما عليهما أن يقوما بما يتوجب عليهما تجاه ذلك من حقوق وواجبات ، ومن واجب الصديق على صديقه ، تقديم العون والمساعدة في الأزمات بما يستطيع وعلى أفضل ما يكون ، وعليه أن يقدم له النصح والمشورة بالحسنى وبطريقة لائقة ومناسبة ، وأن يتحمل من صديقه بعض الأذى أحيانا - إن لم يكن صادرا عنه بسوء نية - ، وأن يقبل منه بعض التجاوز في التعامل والخلق - في بعض الحالات - لاستيعابه وتفهم أحواله وعدم خسارة صداقته لسبب قاهر أو ظرف طارئ.
كما يجب على الصديق توطيد العلاقة مع صديقه بالزيارات والمشاركة في المناسبات الخاصة وتقديم الهدايا وغيرها مما يعزز العلاقة بين الطرفين ويزيدها رسوخا واستمرارا.
واكد انه لابد في علاقة الصديقين مع بعضهما وجود نوع من التوازن والتكافؤ في العلاقة والصداقة ، بأن لا يمارس أحد الطرفين دور الوصي أو الرقيب أو المعلم على الآخر ، فيملي عليه ما يريد ويأمره ليطيعه ، وإلى غير ذلك من وسائل الاستحواذ والهيمنة على الآخر. فتنقلب هنا الصداقة إلى التبعية والبغض ثم البعد والعداوة. 
الصداقة .. قل لي من تصادق اقل لك من انت؟
رصيد الذهب : 
