كانت الأخبار والموضوعات الرئيسية في الصحف المصرية الصادرة امس عن رئاسة الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء اجتماعا لبحث خطط توفير اللحوم في الأسواق بأسعار معقولة في العيد، وعدم البدء في تجربة توزيع أنابيب البوتاغاز بالكوبونات، بالسعر المدعم وهي أنبوبة واحدة في الشهر للأسرة المكونة من ثلاثة أفراد واثنتين للأكثر عددا، وبيع ما زاد على ذلك في السوق الحرة، بشرط ان تبدأ في ثلاث محافظات ومتابعة اثارها قبل تطبيقها في جميع المحافظات، ودعايات المرشحين لانتخابات مجلس الشعب وإصدار الهيئة العليا لحزب الوفد بيانا طالبت فيه اللجنة العليا للانتخابات بالتحقيق في أعمال البلطجة التي يرتكبها مرشحو الحزب الوطني الحاكم، واتفاق الإخوان المسلمين والوفد والناصري والتجمع والغد والعمل المجمد والجمعية الوطنية للتغيير، على اتخاذ عدد من الإجراءات لمتابعة أعمال التزوير أولاً بأول وإبلاغ وسائل الإعلام بها، فور وقوعها.
كما بدأت الصحف تتوسع في نشر أخبار الحجاج المصريين، في الأراضي السعودية. وإلى قليل من كثير جدا جدا لدينا:

رئيس جامعة القاهرة يدافع عن البلطجة

ونبدأ بالانتقال المفاجىء لمعركة سحب الحرس من الجامعات، بعد أن هدأت، نتيجة لما حدث في حرم جامعة عين شمس، عندما توجه إليها عدد من أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة، من جماعة 9 مارس لتوزيع حيثيات حكم المحكمة الإدارية العليا، وتعرضوا للاعتداء عليهم من جانب عدد الأشخاص يحملون سنج وجنازير، وكذلك تعرض للاعتداء الزميل الصحافي محمد البديوي من 'اليوم السابع' وكان يغطي الأحداث، وعندما توجه إلى قسم شرطة الوايلي لتحرير محضر ضد من اعتدى عليه تعرض لمعاملة قاسية من ضابط الشرطة، كما فوجىء بأن محضرا تم عمله ضده بأنه هو الذي اعتدى، وأصدر رئيس في جامعة عين شمس الدكتور ماجد الديب بيانا هاجم فيه بعنف زملاءه في جامعة القاهرة وقدم شكوى لجامعتهم ضده، وأصدر وزير التعليم العالي الدكتور هاني هلال تصريحات عنيفة وهاجم الصحافيين في البرنامج التليفزيوني - مصر النهاردة - الذي يقدمه زميلنا وصديقنا والإعلامي البارز محمود سعد، وقد تعرض الوزير لهجمات عديدة، بسبب تصريحاته التي استفزت الجميع ولم يقبلوها منه، وبسبب الصور المنشورة التي لا تكذب عن البلطجية في حرم الجامعة وهم يحملون السنج والجنازير، وصورة الزميل محمد البديوي بجسده القصير والرفيع الذي من الممكن لو اشتدت الريح في الشتاء ان تجعله يطير في الهواء، فقال رئيس تحرير 'اليوم السابع' زميلنا وصديقنا خالد صلاح: 'لا أفهم بالقطع رجل العلم حين يصير بحد ذاته عصا في يد الشرطة، يؤسفني أن رجلا يتولى وزارة التعليم العالي في مصر نأمنه على أبنائنا وعلمنا وجامعاتنا ومستقبلنا هو الدكتور هاني هلال فعل ذلك دون أن يطرف له جفن، أو أن يخجل في أعماقه ضمير، ويؤسفني ان الدكتور هاني هلال، وزير التعليم العالي، أخفى الحقيقة قسرا حين تحدث طويلا عن جريمة البلطجة في جامعة عين شمس في حواره مع الإعلامي محمود سعد في برنامج 'مصر النهاردة' فجعل من الجناة ضحايا، ومن الضحايا جناة وقدم نموذجا مقيتا لرجل يمكنه أن يدهس كل قيمة حرة قاصدا وجها غير وجه الله، ونفهم ايضا كيف يشعر من دبروا حادثة البلطجة بالخزي والعار، لأنهم رتبوا تمثيلية بائسة واعتمدوا على عناصر رخيصة، لكننا لا نفهم أن يكون وزير التعليم العالي رجل العلم والمعرفة والمستقبل بطلا في هذا المشهد المهين للجامعات، الوزير استخدم الإرهاب نفسه الذي تعرض له الطلاب داخل الجامعة ليوجهه إلى صدور الصحافيين، فزعم أن الصور التي نقلت الحادث مفبركة، وكان الزميل محمد البديوي ضحية أساسية لما جرى ثم فوجىء بعد أن ذهب يستنجد بالشرطة في قسم الوايلي أنه تحول من ضحية إلى جان. الذين دبروا هذا المشهد الساذج أساءوا الى مصر وإلى جهاز الدولة المصرية، وإلى وزارة الداخلية ورجالها في كل قطاع، والذين ظنوا أنهم يضمنون بقاء الحرس الجامعي على هذا النحو ألقوا بأنفسهم في أحضان البلطجة ليواجهوا بها القانون'.

وزير التعليم يتآمر مع البلطجية

وسارع زميله سكرتير عام التحرير محمد السوقي رشدي بالاشتراك في مهاجمة الوزير قائلا عنه: 'دراسة حالة الدكتور هاني هلال، وزير التعليم العالي ودفتر تاريخه الوزاري الملبد بالنقاط السوداء، أمر كاف لأن تحمل جنسيتك المصرية داخل كفنك، وتتجه إلى أقرب قبر لتدفنها وتدفن نفسك. قال من أسفل نظارته، إن ما وقع من أحداث بلطجة وتخريب كان ابطالها أساتذة الجامعة وزميلنا محمد البديوي، محرر شؤون التعليم العالي بـ'اليوم السابع'، كان واضحا من تصريحات الوزير الهامشي، أنه لم يذاكر ملف القضية جيدا، وخرج كالعادة ليحرج نفسه بتصريحات مغلوطة، كان واضحا أن سيادة الوزير لم يحقق في الأمر، وإلا كان سأل نفسه لماذا يظهر ضباط الحرس الجامعي في مقاطع الفيديو بهذا الشكل السلبي وكأنهم الرعاة الرسميون لتلك المجزرة؟ لم يكلف سيادة الوزير نفسه بأن ينظر إلى صورة زميلنا محمد البديوي وصور الطلاب البلطجية الذين دافع عنهم ماجد الديب، رئيس جامعة عين شمس، ووصفهم بالغيورين على جامعتهم، وكأنه الأب الروحي لهم، لأنه لو فعل وألقى نظرة سيعرف جيدا أن زميلنا بديوي بحجمه الضئيل وهدوئه، من المستحيل أن يصبح متهماً في قضية إثارة شغب أو تعد على أي فرد.
كان واضحاً من تصريحات الوزير بشأن الأزمة أنه لا يعرف عنها شيئاً أكثر مما قيل له قبل أن يظهر على شاشات التليفزيون'.

لم يعد العلم نور ولا العلماء ورثة الأنبياء

أما أحد مديري التحرير وزميلنا وصديقنا والكاتب الساخر المتميز أكرم القصاص، فقد أراد أن ينصف وزير التعليم العالي بأن قال عنه: 'علينا أن نطالب بتغيير الشعارات الجامعية، لم يعد العلم نور ولا العلماء ورثة الأنبياء، إنما العلم أصبح سنجة والعلماء ضحايا البلطجية وقطاع الطرق، وكل هذا بفضل السياسات الحكيمة للأستاذ الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وفي عهده تراجعت أحوال الجامعات المصرية وخرجت من كل التصنيفات العالمية والإقليمية لكن للحق الدكتور هلال يستحق جائزة اتحاد المصارعة والملاكمة والجودو، لأنه نجح في مد الجامعات المصرية بعدد وافر من أصحاب العضلات والبونيات الحديد تأكيدا على تطوير أبحاث المعادن، ولا نعرف أية ابحاث للدكتور هاني هلال في المجالات العلمية، وربما كانت له ميول نحو العمل في الداخلية، ولهذا نجح في تغيير الخريطة الجامعية وحول الحرم الجامعي من ساحة علم إلى ساحة حرب، تورط الوزير العلمي في ترديد اتهامات بدون دليل للضحايا بأنهم معتدون، دون أن يشعر بأي وخز في الضمير العلمي تأكيدا على أكاديميته الصلبة ليثبت الدكتور هاني هلال أنه ليس وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي، ولكن وزير للتأديب والتهذيب والإصلاح وهو شعار انتهى من السجون لينتقل إلى البحث العملي بفضل الدكتور هاني هلال راعي القبضايات والكلابشات والبونيات، ولينتقل العلم إلى رحمة الله'.

لماذا ننسى اسماء وزراء التعليم في بلادنا؟

ولم يكد أكرم ينتهي من اقتراحاته وهي تحتاج إلى مناقشة حتى قفز زميلنا وائل قنديل أحد مديري تحرير 'الشروق' ليقول في نفس اليوم - الثلاثاء -: 'قد تجد صعوبة في تذكر اسم وزير التعليم العالي السابق، لكن أسماء بوزن الدكتور محمد أبو الغار والدكتور عبدالجليل مصطفى والدكتورة رضوى عاشور وآخرين كثر من علماء مصر وأساتذتها المحترمين تبقى في الذاكرة الوطنية مضيئة ومؤثرة، وعليه فقد كان مثيرا للأسى والسخرية معا أن يخرج وزير التعليم العالي ورجاله من الصغار والكبار ليقولوا إن أساتذة جامعات مصر النبلاء من أعضاء حركة 9 مارس اعتدوا على بلطجية جامعة عين شمس باللفظ والفعل.
والأكثر مدعاة للأسف ألا يجد السيد الوزير غضاضة في أن ينحاز الى معسكر البلطجية الذين ضبطوا متلبسين - صورة وصوتا - بالإمساك بالمطاوي والجنازير داخل الحرم الجامعي وهم يحيطون بأساتذة 9 مارس الذين ذهبوا إلى الجامعة لتوعية الطلبة بضرورة احترام أحكام القضاء وتنفيذ حكم الإدارية العليا بإبعاد الحرس الجامعي، لم أكن أعلم انهم يعشقون 'عسكرة' الجامعات إلى هذا الحد'.

تحول المجني عليهم
إلى جناة في جامعة عين شمس

لكن زميلنا وصديقنا في 'الوفد' محمد أمين، طلب من مهاجمي الوزير الصبر عليه بضعة أيام لأنه سيسافر للسعودية لرئاسة بعثة الحج، وربما بعد عودته يكون قد تاب وأناب عما قاله وفعله.
قال أمين وهو غير مخلص في قوله: 'فربما يراجع الدكتور هاني هلال نفسه، بالذات بعد أحداث عين شمس التي تحول فيها المجني عليهم إلى جناة، وربما يراجع 'هلال' نفسه، وهو يطوف حول الكعبة ويتوب على ما بدر منه، بشأن اتهام كبار أساتذة الجامعات من حركة 9 مارس بأنهم وراء أحداث الشغب'.
وفي نفس عدد 'الوفد' ترك زميله علاء عريبي رئيس بعثة الحج الرسمية - أقصد الوزير - ووجه هجومه ضد البيان الذي أصدرته جامعة عين شمس، وأثار غضبه فقال عنه: 'أسفت جدا للبيان الذي صدر عن جامعة عين شمس حول الأحداث الأخيرة التي شاهدتها.
ولم أتخيل أبدا ان أساتذة الجامعة وجامعاتنا التي نقدرها ونقدر العاملين بها، يصل بها الحال إلى هذا المستوى المتدني في الفعل وفي لغة الحوار، يصف أساتذة أجلاء بأنهم قلة منحرفة فكريا ومندسة وغرباء، ويتهمونهم بالبلطجة وبمحاولة فرض الفكر المنحرف كما يتهمونهم بسب الطلاب بألفاظ نابية ،وذلك بعد عملية اقتحام لحرم الجامعة، هل هذا يعقل؟ هل نقبل هذا من جامعة عريقة مثل عين شمس؟ أتمنى أن تنفي الجامعة صحة نسب هذا البيان إليها وتعلن احترامها للأساتذة جميعا لأن الرد الوحيد على هذا البيان كلمة صغيرة: عيب يجب أن تحترموا بعض أكثر من هذا، ولا تستخدموا الطلاب في خلافاتكم الوظيفية، عيب'.

تصرف إدارة جامعة عين شمس
مع وفد جماعة 9 مارس كان همجيا

وطبعا، لم يكن الدكتور حسن نافعة الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة في حاجة إلى توصية لأن يقول في نفس اليوم أيضا - الثلاثاء - في 'المصري اليوم': 'بدا سلوك إدارة جامعة عين شمس مع وفد جماعة 9 مارس، الذي قام بزيارتها مؤخرا همجيا إلى أقصى درجة، ولا يمت بصلة للقانون أو للأعراف والتقاليد الجامعية المتحضرة.
لو كانت الدولة قد تعاملت مع حكم المحكمة الإدارية العليا وهو حكم بات ونهائي وملزم وواجب التنفيذ الفوري، لما كانت هناك حاجة أصلا لزيارة هذا الوفد للتعريف بالحكم والتشاور مع زملائهم من جامعة عين شمس حول الخطوة المقبلة، ولو كانت إدارة إدارة الجامعة قد تعاملت مع الوفد الزائر وفقا للتقاليد الجامعية المتعارف عليها لتمت الزيارة في هدوء ولمضى كل في حال سبيله، ولأن إدارة جامعة عين شمس بدت حريصة على إثبات ولائها للنظام بأكثر من حرصها على التقاليد الجامعية المحترمة، فقد اجتهدت لإفساد الزيارة، بدفع عدد من البلطجية المسلحين بالمطاوي والجنازير والأحزمة للتحرش بالزائرين وتوجيه السباب لهم، بل والاعتداء عليهم، وعندما ذهب بعض المعتدى عليهم إلى قسم الوايلي لتحرير محضر وجدوا أن 'البلطجية' سبقوهم الى هناك وبادروا بتحرير محاضر استباقية بدعوى أنهم هم المعتدى عليهم، الأخطر قيام إدارة الجامعة بإصدار بيان رسمي وصف الأساتذة الزائرين بأنهم 'قلة مندسة من الغرباء' والبلطجية بـ'طلاب الجامعة الغيورين على هيبة جامعتهم' بل وذهب البيان إلى حد مطالبة رئيس جامعة القاهرة بالتحقيق مع الأساتذة 'المتورطين' في هذه الزيارة، وعلى رأسهم الدكتور عبدالجليل مصطفى واتهمتهم بـ'انتهاك حرم الجامعة' والاعتداء بالسب والقذف على طلابها وتوجيه 'ألفاظ بذيئة' إليهم.
لذا يسهل تماما على كل من يطلع على بيان رئاسة جامعة عين شمس أن يكتشف أنه يشكل في حد ذاته وثيقة رسمية تدينها وتؤكد أن رئاسة الجامعة، أي جامعة، حين تكون معينة من قبل الحكومة وليست منتخبة من جانب أعضاء هيئة التدريس، تصبح دائما ألعوبة في يد الأجهزة الأمنية، لذا لن تعود الجامعات المصرية لتشكل فضاء حقيقيا للمعرفة والإبداع إلا بتنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري باعتباره خطوة أولى على طريق الاستقلال والتمتع بالحريات الأكاديمية'.

رأسمالية وكلاء الدولة

وإلى المعارك والردود المتنوعة التي يضرب أصحابها في كل اتجاه، ولا يجمعها موضوع واحد في معظم الأحيان، لكنها تعكس حالة عامة من عدم الرضا على الأوضاع التي آلت إليها بلادنا، وتشمل الجميع من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وكل له أسبابه فمثلا نجد وائل نوارة وهو من قيادات حزب الغد - مجموعة أيمن نور - ومن المؤمنين بالرأسمالية، فكرا ودعوة اليها وأيضا كاره لثورة يوليو واتجاهها الاشتراكي يقول في 'المصري اليوم' يوم الاثنين وقد احمرت عيناه غضباًَ من نظامنا الوطني وحزبه الحاكم الوطني ايضا: 'في الستينيات عاشت مصر مرحلة رأسمالية الدولة حيث تملكت الدولة معظم أدوات الإنتاج ووضع النظام يده على مقاليد النشاط الاقتصادي، من خلال 'تأميم' الشركات الكبيرة والمتوسطة، وإنشاء المشروعات المملوكة للدولة، ووضع أعوان النظام على رأسها.
ومع فشل النظام في إدارة الحياة الاقتصادية بتلك الصورة انهارت البنية الاقتصادية للبلاد، ابتدعت السلطة نظاما اقتصاديا جديدا أو استحضرت نظاماً قديما - هو النظام الإقطاعي - ومعه تحولت مصر من مرحلة رأسمالية الدولة التي تحدثنا عنها إلى مرحلة 'رأسمالية وكلاء الدولة' حيث تحولت فيها مصر لنظام يشبه إلى حد ما النظام الإقطاعي في القرون الوسطى، أصبحت مصر مثل وكالة تمنح التوكيلات للموزعين، على شكل مجموعة من الإقطاعيات في مختلف المجالات الاقتصادية، حيث يقوم 'وكلاء النظام' بدور رأسمالية الدولة، ولكن هذه المرة لصالح النظام والحكام وبالمشاركة في الريع معهم ومع كبار المسؤولين بصورة مؤسسية، ولعل أهم تلك المجالات - تماما مثل العصور الوسطى وعصور المماليك - هي الأراضي أو الإقطاعيات سواء على السواحل أو حول المدن الكبرى أو الطرق الرئيسية أو الظهير الصحراوي، علاوة على خلق احتكارات في قطاع عديدة من خلال تحديد قائمة قصيرة من 'الإقطاعيين أو الوكلاء' الذين تمنح لهم الدولة القروض أو الأراضي أو تبيعهم شركات القطاع العام فيما عرف بالخصخصة أو تمنحهم التراخيص المصرية في القطاعات المختلفة، وفي الوجه الآخر، فإن النظام السياسي المقابل لهذا النظام الاقتصادي الإقطاعي، هو النظام السياسي الإقطاعي أيضا حيث يتكفل كل إقطاعي أو وكيل للنظام بحشد وشراء التأثير السياسي للنظام في حزبه أو دائرته أو مصنعه أو مدينته أو قريته لضمان بقاء الأوضاع على ما هي عليه، يضمن النظام إخصاء البلاد سياسيا من خلال شراء ذمم ألوف الإقطاعيين، فتنعدم فرص تداول السلطة، أو يأتي التداول بجنين مسخ هو ثمرة التناكح أو التزاوج غير الشرعي بين الفساد والاستبداد، أما الخاسر الوحيد فهو الشعب المسكين - حسبنا الله ونعم الوكيل'.
ونحن طبعا نرفع أيدينا معه إلى السماء داعين، حسبنا الله ونعم الوكيل، في الإقطاعيين الجدد، لكن كان على نوارة، ومادام الله قد نور له طريقه أن يكمل السير في موضوعيته، ويوضح أن هناك فرقا في المراحل من بعد الثورة، وهل التحول من رأسمالية الدولة الى ما نحن فيه، تم في عهد خالد الذكر أم بعده.
أما خلط المراحل هكذا وكأنها واحدة في طبيعتها وسياساتها، فإنه يعكس ترددا في قول كلمة الحق.

تردي الأوضاع
بمؤسسة عمر أفندي

لكننا على أي حال أمام حالة حقيقية، وعبر عنها أيضا، ولكن بحرص، رأسمالي آخر في تفكيره، هو الدكتور رضا شتا، وقوله مندهشا في مجلة 'آخر ساعة' وهو يقدم رجلاً ويتوقف قبل أن يخطو الثانية: 'هل معقول أن تؤول الأوضاع بمؤسسة عمر أفندي إلى هذا الحد من التردي والتدهور، هذه المؤسسة الاقتصادية العملاقة التي كانت تعد منذ نشأتها رمزا للانتعاش والاستقرار الاقتصادي في مصر؟.
ثم ما هذا التناقض الفج؟ ففي الوقت الذي نقوم فيه بعرض 'عمر أفندي' وربما غيره للبيع نجدنا نفتح أبوابنا أمام شركات تجارية دولية مثل كارفور وماكرو ونخصص لها أجود الأراضي الزراعية للبناء عليها، ألم نسأل أنفسنا لماذا تنجح هذه المؤسسات وتفشل مؤسساتنا؟
إننا لسنا ضد الاستثمارات الأجنبية بل على العكس فإننا نسعى لجذب المزيد منها في إطار سياسة الانفتاح الاقتصادي، ولكن ينبغي علينا أيضا أن نحافظ على مؤسساتنا الاقتصادية والتجارية، ونعمل على تحديثها وتطويرها ورفع كفاءتها كي تتمكن من المنافسة داخليا وخارجيا، وتقوم بدورها على أكمل وجه في تنمية الاقتصاد القومي المصري، وتلبية احتياجات كافة طبقات الشعب من السلع ذات المواصفات الجيدة وإدارتها طبقا لأحدث أساليب الإدارة العلمية الحديثة'.

غضب على وزير
العدل بسبب التدخين

وإذا كان الدكتور شتا قد أظهر استياءه من هذا التناقض في السياسة الاقتصادية، فإن زميلنا عماد الدين حسين أحد مديري تحرير 'الشروق' قد انفجر يوم الثلاثاء غضبا في وجه وزير العدل المستشار ممدوح مرعي بسبب التدخين، فقال بصوت مرتفع:
'لو أن الأمور تسير كما ينبغي لها أن تكون لتقدم المستشار ممدوح مرعي وزير العدل باستقالته من الحكومة صباح الرابع من نوفمبر الجاري، فقد نشرت صحيفة 'المصري اليوم' صورة متميزة للزميل محمد إبراهيم في الصفحة الأولى ضبطت الوزير متلبسا بالتدخين داخل عيادة للأنف والأذن والحنجرة بالمجمع الطبي لأعضاء الهيئات القضائية بالإسكندرية.
كما هو معلوم للجميع فإن محافظة الإسكندرية أبدت في الشهور الأخيرة تصميما محمودا على ضرورة منع التدخين في الأماكن العامة وإعلان المحافظة خالية من التدخين.
تصورت ايضا ان تقوم أجهزة محافظة الإسكندرية بتطبيق القانون بمحاكمة الوزير بتهمة مخالفة القانون، أو يقوم الوزير بعد الاعتذار بدفع الغرامة المقررة، تصورت ان يصدر مجلس الوزراء أو وزارة العدل بيانا تعتذر فيه للمواطنين، لكن أياً من ذلك لم يحدث.
الغريب أن بعض الزملاء الصحافيين الذين شاهدوا الوزير في جولات ميدانية قبل ذلك أكدوا أنه اعتاد التدخين في كل الأماكن العامة التي يزورها، بل انه يدخن وهو يسير في موكب في الشارع خلال افتتاح محكمة أو أي نشاط ميداني، هذا السلوك يدفعنا إلى أن ندعو للوزير أن يشفيه الله من شر هذا الإدمان.
ستكون كارثة أن نطارد مواطنا دخن في الميكروباص أو المترو ونفرض عليه الغرامة، ثم نترك وزير العدل ينجو بفعلته النكراء'.

'الاخبار' تدعو للإخوان
المسلمين بالهداية والتوبة

وإلى 'أخبار' نفس اليوم حيث قام صديقنا والكاتب أحمد جمال بدوي، وهو ابن زميلنا وأخي الراحل جمال بدوي، بالدعوة للإخوان المسلمين بالهداية والتوبة، لا عن التدخين، وإنما عن رفع شعار الإسلام هو الحل، وكتب ذلك وهو في حالة من الإيمان لأنه توجه بعدها مباشرة الى الحج، قال: 'لست أدري على وجه اليقين ما سر تمسك جماعة الإخوان المسلمين برفع شعار 'الإسلام هو الحل' وما المقصود به في إطار حملاتهم الدعائية للانتخابات؟
فكيف يكون الوضع إذا فشل هذا المسلم في تحقيق شعار 'الإسلام هو الحل'، ألا يعني انتقاصا من العقيدة السماوية نفسها، ألا يعني اختزال الرسالة الإلهية في شعار سياسي ينزل بمستوى الرسالة الإلهية من سماء الفضيلة التي حضيض العمل السياسي، ألا يعد ذلك طعنا على الإسلام نفسه حين يتهم بالقصور في تقديم الحلول المطلوبة والتي هي مسؤولية أهل السياسة والحكم وحدهم، فالمشكلة تكمن في أن جماعة الإخوان تريد أن تلعب في الساحة السياسية التي يتعاطاها البشر متدثرة بغطاء سماوي وحصانة إلهية.فنحن لا ننكر حق جماعة الإخوان في ممارسة العمل السياسي، ولكن عليهم أن يختاروا بين ماضيهم الأول جمعية للدعوة والإرشاد الديني وحاضرهم الملتبس بين الدين والسياسة ومستقبلهم الغامض بين الدولة والعمل الحزبي والمجتمع المدني'.

توقع قيادة البرادعي
حربا خارجية على النظام

وإلى بعض المعارك السريعة والخاطفة وأولها يوم الاثنين ضد الدكتور محمد البرادعي وشنها في جريدة 'روزاليوسف' رئيس مجلس إدارتها، زميلنا وصديقنا كرم جبر، بأن قال عنه: 'انتظروا منه أن يقود حرباً إعلامية مقدسة من العواصم الخارجية التي يتجول فيها، حرب وقودها الشائعات الكاذبة والدعاية المغرضة التي ليس لها سند ولا دليل.
سوف تبدأ الحرب بإعلان البرادعي أن المصريين قاطعوا الانتخابات رغم أن عدد المرشحين يضرب رقماً قياسياً غير مسبوق، وكل مرشح وراءه آلاف المؤيدين والأنصار والأتباع.
انتخابات تشارك فيها كل الأحزاب السياسية وتقاتل المحظورة كي يكون لها مكان فيها، والوحيد الذي سيفسر الإقبال الكبير بأنه مقاطعة هو البرادعي'.
أما زميلنا بـ'الجمهورية' محمد فتح الله فانه فضل في نفس اليوم الاثنين ان يخوض معركة أخرى ضد أحد الوزراء هي: 'الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي أعلن ان الإدارة غير الرشيدة كانت وراء صفر الجامعات والبحث العلمي، هو مش معاليك على قمة الإدارة الرشيدة في التعليم العالي والبحث العلمي، مجرد سؤال'.

آثار مشكلة اللحوم في عيد الأضحى

وإلى المشاكل والانتقادات، ونبدأها من صفحة تجارة وصناعة التي يشرف عليها زميلنا بـ'الأخبار' وليد عبد العزيز الذي أثار مشكلة اللحوم في عيد الأضحى فقال عنها يوم الأحد وعن المشاكل التي تسببها: 'لا صوت يعلو فوق صوت اللحمة، أصبحت الأضحية هي الشغل الشاغل لكل أسرة مصرية، البعض يحاول أن يتحايل على الفريضة ويعفي نفسه من الأضحية بحجة الغلاء، ولكنه في حاجة الى فتوى من أي مسؤول تساعده على اتخاذ القرار، والبعض الآخر يحاول ان يدخل في شراكة على خروف بعد أن وصل سعره الى ألفي جنيه، أما العجول فحدث ولا حرج، سعر العجل وصل تقريبا إلى عشرة آلاف جنيه وأكثر، والشركاء السبعة في كل عجل يحاولون أن يحصلوا على فتوى ايضا لزيادة عدد الشركاء.
ولكن اللافت للنظر اننا في مصر لدينا ثقافة أن اللحوم المستوردة أسوأ حالا من اللحوم البلدية المصرية رغم أن المراعي في معظم دول العالم أفضل من المراعي المصرية بكثير.
بالمناسبة أسعار اللحوم المستوردة انخفضت في الأسواق بعد زيادة المعروض وكثرة الإقبال عليها سيساعد على خفض اسعار اللحوم البلدية والتي تحاول ان تنافس الطماطم في 'الجنان' فقط، وكل عام ومصر وشعبها بخير وسعادة ورخاء'.

قصائد تتغنى
باللحمة في العيد

والغريب في الأمر أن 'الأخبار' نشرت في باب بريد القراء قصيدة كتبها عبد الحميد عبد المؤمن محمد عضو رابطة الزجالين وكتاب الأغاني، دعم بها وليد، عندما قال في أبياتها:
يا لحمة إيه جرا
أسعارك بقت نار
الكل بينادي يوماتي
الرحمة يا جزار
يرد علينا مش ذنبي
السبب التجار
واحنا بينهم ضحايا
ارحمنا يا ستار
الكل يا صاحبي بيشكي
من ارتفاع الأسعار
شوف الطماطم بكام
والكوسة والخيار
قلنا نقاطع اللحمة، طيب
ونقاطع كمان الخضار.

استغلال شركات الطيران
والسياحة للحجاج المصريين

ونظل في نفس عدد 'الأخبار' لأن زميلنا فوزي شعبان أثار مشكلة أخرى خاصة بتكاليف الحج، واستغلال شركات الطيران والسياحة المصرية للحجاج المصريين بما يشبه السرقة، عندما قال، وكل ما قاله صحيح مائة في المائة وأعلمه شخصيا: 'تكاليف الحج عندنا باهظة وتتصاعد سنويا بدرجة مخيفة، ونسمع من شركات الطيران تبريرات واهية عن ارتفاع تكلفة التشغيل ورسوم المطارات، في الوقت الذي نجد فيه الحاج القادم من أمريكا أو من أوروبا يدفع أقل من نصف ما يدفعه الحاج المصري، وربما ما يدفعه لا يتجاوز الربع، رغم أن المسافة في الطيران أضعاف أضعاف المسافة بين مصر ومطار جدة، فلماذا تبالغ شركات الطيران المصرية والسعودية في قيمة تذاكر السفر في الحج؟! ومن قبله في رحلات العمرة في رمضان؟! ولماذا تستغل شركات السياحة حجاجها في دفع قيمة تأشيرات الحج بين 15 ألفا و20 ألف جنيه للتأشيرة الواحدة رغم ان تأشيرات الحج بين 15 ألفا و20 ألف جنيه للتأشيرة الواحدة رغم أن تأشيرات الحج مجانية؟! لكن شركات السياحة تتلاعب بحجاج السياحة، وعنده حق فما يحدث للمتاجرة بالحجاج سنويا يحتاج الى وقفة حازمة مع شركات الطيران والسياحة والتي تستغل موسم الحج سنويا اسوأ استغلال في جشع شديد يفوق جشع التجار هذه الأيام، وهو استغلال يتم تحت سمع وبصر المسؤولين، وكذلك إلغاء رحلات البحر هذا العام أجبر الحجاج على السفر بالطائرات والوقوع مكرهين تحت استغلال شركات الطيران والسياحة وأمرهم إلى الله'.

الأحزاب والانتخابات والمستبعدون في 'الوطني'

وأخيرا الى انتخابات مجلس الشعب في الثامن والعشرين من الشهر الحالي، وترشيحات الحزب الوطني، وتركه عشرات الدوائر المفتوحة، أي التقدم بأكثر من مرشح فيها، وهو ما اعتبره زميلنا عبد الله كمال رئيس تحرير جريدة 'روزاليوسف'، وعضو مجلس الشورى المعين، عبقرية من أمين التنظيم ورجل الأعمال ومحتكر انتاج الحديد أحد عز بقوله عنه أمس وعن هكذا حركة 'الأسلوب المستخدم مثل نقلة نوعية وغير مسبوقة في العمل التنظيمي، وتعبر عن دهاء حقيقي يتمتع به أمين التنظيم أحمد عز، يراهن هذا السياسي 'الداهية' بالكثير، بينما يخوض تلك المعركة الفريدة التي قد تصبح حين تنتهي علامة فاصلة في تاريخ الانتخابات في البلد، وأيا ما كان حجم الدعم اللا متناهي الذي يجده من قيادة الحزب التي أقرت خطته وقبلت بها بعد مناقشات مستفيضة فإنه لا شك قد وضع على كاهله عبئا مهولا، يقدر الكثيرون تكلفته السياسية'.
وسرعان ما ظهرت اثار هذا الدهاء في رسم امس في 'الوفد' لزميلنا مصطفى الشيخ وكان عنوانه - المستبعدون من الوطني يهتفون - حزب أونطة، هاتوا فلوسنا، والرسم لمرشح مستبعد في عيادة نفسية يقول للطبيب: - اللي تاعبني ان كل اللي بيشوفني من أهل الدايرة يقوللي ما هي آخرة خدمة عز علقة.
كما نشرت 'الوفد' تحقيقا عن ردود أفعال غاضبه من الأقباط لترشيح الحزب عشرة فقط، وجاء فيه: 'استنكر جوزيف ملاك أحد محامي الكنيسة ومدير مركز الكلمة لحقوق الإنسان بالإسكندرية غياب المرشحين الارثوذكس من قوائم الحزب الوطني، وتجاهل ترشيح نادر مرقص مستشار البابا شنودة للعلاقات العامة وتم ترشيح قبطي كاثوليكي في دائرة كرموز رغم أن الدائرة لا تضم كنيسة كاثوليكية'.

'المصري': فاسدون
يتحرقون شوقا للانتخابات!

وأمس ايضا، اكتشفت أن زميلنا في 'المصري اليوم' محمد البرغوثي، عميل مستتر للحزب الوطني وكشف عن ولائه له بالقول: 'أنا شخصيا عرفت عن فساد بعض أعضاء الحزب الوطني الذين يتحرقون شوقا الى عضوية المجلس، وعن فساد بعض الذين يحاربون بشراسة للاحتفاظ بعضوية المجلس، ما لم أعرفه من قبل وكان المصدر الوحيد لكل المعلومات عن أبشع ألوان وصنوف الفساد هم أعضاء الحزب الوطني أنفسهم.
ظهرت نتائج المجمع الانتخابي لمرشحي الحزب الوطني فإذا بها تحمل كل بذور تخريب البلد، فقد دفع عباقرة الحزب بعدة مرشحين من الحزب نفسه على المقعد الواحد في أكثر من ستين في المائة من الدوائر الانتخابية على مستوى الجمهورية في محاولة منه لإرضاء اكبر عدد ممكن من المتحرقين شوقا الى المقعد، وهو حل لم يكن يخطر على ذهن الشيطان نفسه وبمجرد الإعلان عن النتائج لاحت على الفور مقدمات الاستعداد للمعركة الانتخابية بين مرشحي الحزب الوطني وبدأ كل منهم في تجييش أنصاره لإلحاق الهزيمة بزميله ومنافسه على المقعد، واستنادا إلى هذه المقدمات أتوقع أن تكون المهمة الأساسية للصحف والفضائيات خلال الانتخابات المقبلة هي ملاحقة 'حصاد الدم' اكثر من ملاحقة وقائع العملية الانتخابية ذاتها، انها - كما قلت مرارا - حرب الأشباه وحروب الأشباه دائماً أكثر ضراوة وخسة من حروب الأعداء'.